إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة: علامات وأسباب وتأثيره وكيفية الحماية. تعرف على أعراض التعلق المرضي بالحب لدى المراهقين والمراهقات، والمخاطر النفسية والاجتماعية، وكيف يمكن للأهل والمربين حماية الأبناء وتعزيز علاقات صحية. دليل شامل للفهم والتعامل مع إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة.
تميز فترة المراهقة بتقلبات عاطفية شديدة وتجارب جديدة في عالم المشاعر والعلاقات. وفي ظل هذه المشاعر المتقلبة، قد يجد بعض المراهقين والمراهقات صعوبة في التمييز بين الحب الصحي والتعلق المرضي، مما قد يقودهم إلى تطوير ما يُعرف بـ إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة. هذا النمط، الذي يتسم بالاندفاع والاعتماد المفرط والخوف من الفقدان، يستحق الدراسة المتعمقة لفهم تأثيره على الصحة النفسية والتطور الاجتماعي لهذه الفئة العمرية.
ماهو إدمان العلاقات العاطفية؟
إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة هو نمط قهري وغير صحي من السلوكيات يتمحور حول الحاجة المفرطة إلى الارتباط بشخص آخر، يعد إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة من أكبر المشاكل التي يعاني منها الأبناء في الآونة الأخيرة، وغالبًا ما يكون ذلك بطرق غير صحية أو غير مستدامة. يمكن أن يتجلى ذلك في:
- البحث المستمر عن علاقة جديدة: الانتقال السريع من علاقة إلى أخرى لتجنب الشعور بالوحدة أو الفراغ.
- الاعتماد المفرط على الشريك: الشعور بعدم القدرة على الوجود أو السعادة بدون وجود شريك عاطفي.
- الخوف الشديد من الوحدة أو الرفض: اتخاذ إجراءات يائسة للحفاظ على العلاقة، حتى لو كانت مؤذية.
- التضحية بالاحتياجات الشخصية: إعطاء الأولوية لاحتياجات الشريك على الاحتياجات الذاتية بشكل مفرط.
- الشعور بالفراغ أو الاكتئاب عند انتهاء العلاقة: ردود فعل عاطفية قوية وغير متناسبة عند الانفصال.
أسباب إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة
تعتبر فترة المراهقة مرحلة حرجة تتسم بالتغيرات الهرمونية والعاطفية والاجتماعية الكبيرة. هذه العوامل يمكن أن تزيد من خطر الوقوع في إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة وتتمثل في:
- التطور العاطفي عند المراهقين مما يجعلهم يتعلمون كيفية التعامل مع مشاعرهم المعقدة، وفي بعض الأحيان قد يلجأون إلى العلاقات العاطفية كوسيلة لتنظيم هذه المشاعر.
- الحاجة إلى الانتماء والقبول بين المجتمع،حيث يسعى المراهقون بشدة إلى القبول من أقرانهم، وقد يرون العلاقة العاطفية كطريقة لتحقيق هذا الشعور بالانتماء.
- تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والتي من الممكن ن تخلق صور مثالية للعلاقات العاطفية على منصات التواصل الاجتماعي مما تزيد من الضغط على المراهقين للدخول في علاقات.
- غالبًا ما تكون العلاقات العاطفية في سن المراهقة تجارب جديدة ومكثفة، مما قد يؤدي إلى تطوير ارتباطات قوية وغير صحية.
- تدني احترام الذات الذى يشعر به المراهقين، لذا قد يلجأ بعض المراهقين ذوي تقدير الذات المنخفض إلى العلاقات العاطفية لتعزيز شعورهم بالقيمة.
أعراض إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة
تتمثل أعراض إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة في التالي:
- أحلام اليقظة، والتفكير بشكل مشتت طوال الوقت.
- القلق والتوتر المستمرين
- إدخال اسم الشخص المرتبط به عاطفيا كلما أتاحت الفرصة
- تغيرات في الشهية وتناول الطعام في كثير من الأحيان أقل من المعتاد
- البقاء مستيقظا طوال الليل
- الاختباء في الغرف وإرسال الرسائل النصية أو التحدث على الهاتف
لفت الانتباه إلى هذه السلوكيات قد يزيد من شعور المراهق تجاه ما يمر به. ولكن ينبغي على الآباء الانتباه جيداً واغتنام أى فرصة للتحدث معه بلطف. وعند الفشل في التحدث معه فلا مانع من طلب المساعدة من أخصائي صحة نفسية.
كيف تؤثر إدمان العلاقات العاطفية في سن المراهقة على الدماغ والصحة النفسية؟
لا يزال دماغ المراهق في مرحلة النمو والتطور العقلي، ونتيجة لذلك يصعب على المراهق النظر إلى الأمور على المدى البعيد أو التراجع والتفكير بهدوء.
لهذا السبب عندما يقع المراهق في الحب فإنه يشعر بالضعف وعدم الاستقرار العاطفي، وعلاوة على ذلك يجد المراهق صعوبة في التفكير في المستقبل عندما تتغلب غرائزهم الجسدية على متطلبات العقل.
كما نجد أن الوقوع في الحب يطلق هرمونات الأوكسيتوسين والدوبامين والسيروتونين والأدرينالين، كل هذه المواد الكيميائية العصبية التي تنتقل عبر الجسم قد تحفز أو تزيد من تقلبات المزاج، والمشاعر السلبية، والارتباك، والتفكير الوسواسي، والشعور بالقلق والإرهاق مما يؤدى إلى تحفيز حالة الهوس لدى المراهق.
أثبتت الأبحاث أن المراحل المبكرة من الحب في مرحلة المراهقة لها آثار مماثلة للهوس الخفيف، حيث يعتبر الهوس الخفيف حالة من ارتفاع غير طبيعي في الطاقة والنشاط وتقلبات المزاج، وهو أحد أعراض اضطراب ثنائي القطب. بالإضافة إلى ذلك، ثبت أن الوقوع في الحب في سن المراهقة يزيد من حالات القلق، ويزيد من خطر الاكتئاب.
كيف نحمي أولادنا من إدمان العلاقات العاطفية؟
حماية أولادنا من إدمان العلاقات العاطفية تتطلب استثمار الوقت والجهد في بناء علاقة قوية معهم، كما أنها تتطلب مزيج من التوعية والدعم المستمر، إليك بعض الطرق الفعالة:
-
بناء أساس قوي من الثقة والتواصل المفتوح بين الآباء والأبناء
- نستمع جيدا لمشاعرهم واهتمامتهم دون الحكم عليهم وانتقادهم، والسماح لهم للتعبير عن أنفسهم بحرية.
- شرح مفهوم الحدود الصحية في العلاقات وكيفية وضعها والحفاظ عليها.
- نظهر لهم كيف تبدو العلاقات الصحية من خلال علاقات الأباء الخاصة مع الآخرين.
-
تعزيز احترام الذات وتقدير الذات:
- التركيز على نقاط القوة
- التشجيع على اعتماد الذات، وتحفز القدرة لديهم على اتخاذ القرارات وحل المشاكل بأنفسهم.
- المساعدة على تطوير الهوايات والاهتمامات مما يمنحهم مصادر أخرى للشعور بالرضا والسعادة بخلاف العلاقات العاطفية.
-
تثقيفهم حول العلاقات الصحية وغير الصحية:
- توضيح الفرق بين الحب الصحي الذي يقوم على الاحترام المتبادل والدعم والثقة، وبين التعلق المرضي والسيطرة.
- التحدث عن السلوكيات المسيئة أو غير الصحية مثل الغيرة المفرطة، التحكم، الإهانة، والتجاهل.
- تشجيع الأبناء على بناء علاقات صداقة قوية، والتأكيد على أهمية وجود شبكة دعم اجتماعي قوية من الأصدقاء والعائلة.
- مناقشة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي مما يساعدهم على فهم أن الصور المثالية للعلاقات على الإنترنت غالبًا ما تكون غير واقعية.
-
مراقبة سلوكهم وتقديم الدعم عند الحاجة:
- التحدث مع المراهقين بهدوء.
- تقدم الدعم العاطفي عند المرور بتجربة عاطفية صعبة.
- عدم التردد في طلب المساعدة من متخصص.
في الختام
يمثل إدمان العلاقات العاطفية تحديًا حقيقيًا يواجهه بعض المراهقين والمراهقات في رحلتهم نحو النضج العاطفي. إن البحث القهري عن الارتباط والاعتماد المفرط على الشريك يمكن أن يعيق نموهم الشخصي، ويؤثر سلبًا على صحتهم النفسية وعلاقاتهم الأخرى، ويجعلهم عرضة للخطر والاستغلال.