إدمان الأدوية وطرق الوقاية: بين العلاج والهاوية

عالم جديد من التعاطي وجيل جديد من الإدمان , تلك الحقيقة التي يمكننا أن نعبر بها عن إدمان الأدوية فما بين إدمان حبوب ليريكا التي كانت تستعمل كمسكن , ومن قبل إدمان الترامادول , وغيرها من العقاقير والأدوية التي صارت إدمان لا يقل خطرها عن خطورة أي من أنواع المخدرات , خاصة في ظل التبرير لتناول تلك العقاقير والأدوية .

إدمان الأدوية مشكلة خطيرة تواجه العديد من المجتمعات اليوم خاصة في مجتمعاتنا العربية وللأسف إدمان الأدوية تراه منتشر بشكل أكبر بين النساء خاصة المسكنات والمهدئات وتلك كارثة لو صح التعبير .

الإدمان  عبارة عن مرض اضطراب نفسي أو جسدي ينتج عن خلل في مراكز معينة في الدماغ ينتج عنه الإعتماد غير المشروع على أدوية معينةعلى الرغم من عدم احتياج الفرد لها. هذه المشكلة تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، وتشكل خطراً ليس على الفرد فقط بل على المجتمع كله.

يمكن أن يبدأ الإدمان بأبسط صورة وتتمثل في صداع يعالج بمسكنات، أو قلق طفيف يهدأ بهدئات، ولكن مع الوقت يتحول الأمر إلى حاجة ملحة للإحساس بالراحة، ليدخل الشخص في دائرة الإدمان. ويعد هذا النوع من الإدمان من أخطر أنواع الإدمان التي يمكن أن يصاب بها الفرد. كما وله العديد من النتائج السلبية والتي لسوء الحظ لا تظهر إلا في فترة متأخرة من الوقت.

 

ما هي أسباب إدمان الأدوية؟

إدمان الأدوية لا يحدث من فراغ، ولكن هناك العديد من الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى استخدام الأدوية بطريقة غير صحيحة حتى يصبحوا معتمدين عليها نفسيًا وجسديًا. فيما يلي أبرز الأسباب التي تُفسر هذا السلوك:

1. الاستخدام الخاطئ للوصفات الطبية 

  • الإفراط في تناول جرعات كبيرة من أدوية أكثر من الموصوفة على أمل تسريع الشفاء أو تخفيف الألم بسرعة.
  • استخدام الدواء لفترة أطول من الموصى بها دون استشارة الطبيب.
  • أخذ الأدوية الموصوفة لشخص آخر أو إعطائها للغير.

2. الاعتماد النفسي والجسدي 

  •  بعض الأدوية مثل المسكنات أو المهدئات تؤثر على مستقبلات السعادة والراحة في الدماغ، مما يجعل الشخص يشعر بالاسترخاء ، ويخلق رغبة ملحّة لتكرار التجربة.
  • بمجرد أن يبدأ الجسم بالاعتماد على الدواء، يؤدي التوقف المفاجئ إلى ظهور أعراض انسحابية مزعجة تُجبر الشخص على العودة إليه.

3. أسباب نفسية 

  • التوتر والقلق المزمن: يلجأ بعض الأشخاص إلى الأدوية المهدئة كحل سريع للتعامل مع الضغوط النفسية اليومية.
  • الاكتئاب: الأشخاص الذين يعانون من مشاعر الحزن أو الوحدة قد يستخدمون الأدوية للتخفيف من آلامهم النفسية.

4. أسباب وراثية

وجدت الدراسات والأبحاث أن الجينات قد تلعب دور مهم في عملية الإدمان.

5. أسباب طبية مشروعة تتحول إلى إدمان

  • علاج الآلام المزمنة: استخدام مسكنات قوية لفترات طويلة مثل المورفين أو الترامادول.
  • اضطرابات النوم: الاعتماد على المنومات لعلاج الأرق ثم صعوبة التوقف عنها.
  • الأمراض النفسية: استخدام المهدئات لفترات طويلة دون متابعة طبية منتظمة.

6. قلة الوعي بالمخاطر 

  • إعتقاد الكثيرون يظنون أن الأدوية الموصوفة طبيًا خالية من المخاطر، مما يؤدي إلى إساءة استخدامها.
  • عدم قراءة التعليمات والتحذيرات الموجودة على علب الأدوية قد يؤدي إلى استخدام خاطئ.

ما هي أعراض إدمان الأدوية؟

أعراض إدمان الأدوية يختلف باختلاف نوع الدواء ومدة الاستخدام وشخصية الفرد. وتتمثل في الآتي:

  •  الشعور برغبة قوية لا يمكن مقاومتها في تناول الدواء.
  •  عدم القدرة على تقليل كمية الدواء أو التوقف عن استخدامه رغم الرغبة في ذلك.
  • إهمال الالتزامات اليومية مثل العمل أو الدراسة أو العلاقات الاجتماعية بسبب الدواء.
  •  الحاجة إلى زيادة الجرعة للحصول على نفس التأثير.
  • ظهور أعراض جسدية ونفسية عند التوقف عن تناول الدواء، مثل القلق والاكتئاب والعرق والرعشة.
  • التغيرات في السلوك: تغير في السلوكيات والأهداف، والتركيز على الحصول على الدواء وتناوله.
  • مشاكل صحية: ظهور مشاكل صحية جسدية ونفسية مثل أمراض القلب والكبد، والاكتئاب والقلق.

ما هي الأدوية التي تسبب الإدمان؟

هناك بعض الأدوية التي يكون لها تأثير يشبه تأثير مخدر الحشيش، حيث تؤثر على النواقل العصبية الموجودة في المخ، وتؤثر سلبياً على خلايا المخ وعلى بعض المواد الكيمائية الموجودة به مثل الدوبامين والسيروتونين، وهذه المواد هي المسئولة عن الشعور بالسعادة والمتعة. عند تناول مثل هذه الأدوية لفترة طويلة ودون الحاجة إليها تجعل الإنسان يشعر بالسعادة  شعور وهمي ولا يستطيع الاستغناء عنها. ومن أمثلة هذه الأدوية الآتي:

مضادات الاكتئاب

تؤثر بشكل مباشر على مستويات السيروتونين المسئول عن شعور الشخص بالسعادة، وعند التوقف أو الامتناع عنها يشعر الشخص ببعض التوتر والضيق، ويصبح متقلب المزاج وسريع الغضب مما يجعله يقبل على تناولها بشكل أكبر ولفترة أطول.

مسكنات الألم

بعض أنواع المسكنات تؤثر بشكل مباشر على العديد من الخلايا العصبية وتسبب اضطرابات في مستويات الدوبامين والسيروتونين تؤدي إلى الإدمان. وخاصة تلك الأدوية التي تحتوي في تركيبها على مشتقات الأفيون والمورفين.

المهدئات والمنومات

هناك بعض الادوية التي يتم وصفها لعلاج اضطرابات النوم أو ما يسمى بالأرق، تؤثر في كثير من الأحيان عند تناولها بشكل مفرط ودون مراجعة الطبيب المختص تأثيرًا سلبيًا على الخلايا العصبية.

الأدوية المنشطة

تستخدم هذه الأدوية في علاج الكثير من الأمراض الخاصة بالجهاز العصبي. مثل تشتت الإنتباه وفرط الحركة وفي بعض الأحيان تستخدم في علاج المشاكل الناتجة عن السمنة.

علاج إدمان الأدوية

علاج إدمان الأدوية يتطلب نهجًا شاملًا يجمع بين العلاجات الطبية والنفسية والدعم الاجتماعي لضمان تعافي الفرد بشكل كامل. فيما يلي الخطوات الأساسية لعلاج إدمان الأدوية:

  •  إدراك الشخص لحجم المشكلة واستعداده للتغيير.
  • زيارة طبيب متخصص أو مركز علاج الإدمان لتقييم شدة الإدمان والأضرار الصحية الناتجة عنه.
  • تحديد نوع الدواء المستخدم، مدة الإدمان، وحالة الفرد الصحية.
  • إزالة السموم من الجسم وذلك تحت إشراف طبي متخصص، وخصوصاً عند وجود أعراض انسحابية مثل التوتر، القلق، أو آلام جسدية.
  • العلاج النفسي والسلوكي والذي بدوره يساعد الفرد على التعرف على الأنماط التي تسبب الإدمان.
  • التأهيل وإعادة الاندماج الاجتماعي.
  • المتابعة المستمرة مع معالج نفسي أو طبيب مختص.

هل يمكن الشفاء التام من إدمان الأدوية؟

نعم، يمكن الشفاء من إدمان الأدوية إذا تم اتباع خطة علاجية شاملة ومتكاملة. الالتزام بالعلاج، والدعم النفسي والاجتماعي، والابتعاد عن مصادر الإدمان، كلها عوامل رئيسية لتحقيق التعافي التام.

ختاماً:

على الرغم من خطورة إدمان الأدوية، إلا أن هناك أملًا في الشفاء والتعافي، بمساعدة الأصدقاء والعائلة والمهنيين الصحيين.

المصادر

مصدر 1

مصدر2

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *