الفصام والإدمان من الاضطرابات النفسية المعقدة، التي قد تتداخل في تأثيراتها، مما يخلق تحديات كبيرة في التشخيص والعلاج. غالبًا ما يتزامن مرض الفصام مع الإدمان. فقد يبدأ الأشخاص المصابون بالفصام في إساءة استخدام مواد مختلفة في محاولة مضللة لعلاج أنفسهم أو تخفيف مشاعر القلق والاكتئاب. ورغم أن إساءة استخدام المواد لا يمكن أن تسبب الفصام بمفردها، إلا أنها قد تعمل كمحفز بيئي للفصام. يمكن لمواد مثل الماريجوانا والكوكايين والأمفيتامينات أن تؤدي إلى تفاقم أعراض الفصام وتفاقم شدتها. في الواقع، حوالي 50% من المصابين بالفصام لديهم تاريخ من تعاطي المخدرات.
ما هو الفصام
الفصام (الشيزوفرينيا) هو اضطراب نفسي مزمن يؤثر على طريقة تفكير الشخص وإدراكه وسلوكه. يتميز بوجود أعراض مثل الهلوسات، الأوهام، التفكير غير المنظم، والتغيرات العاطفية. ومن الجدير بالذكر أن الفصام والإدمان قد يكونان مرتبطين، حيث يلجأ بعض المرضى إلى تعاطي المخدرات كوسيلة للتعامل مع الأعراض، مما يؤدي إلى تفاقم الحالة وصعوبة العلاج.
تم التعرف على مرض الفصام منذ أكثر من قرن من الزمان. ومع ذلك، يظل هذا المرض من أكثر الأمراض سوء فهمًا ووصمًا في يومنا هذا. بعض جوانب مرض الفصام معروفة جيدًا للباحثين، بما في ذلك أكثر أنواع الفصام شيوعًا وأسبابها والصلة بين الفصام والإدمان.
تُصنف أعراض الفصام عادةً على أنها أعراض إيجابية أو أعراض سلبية.
الأعراض الإيجابية هي عندما يحدث فعل ما، إما من خلال سلوك غير منتظم، أو سماع أصوات، أو تعبيرات خارجية أخرى عن الأعراض.
الأعراض السلبية هي عندما يبدو الشخص منسحبًا وبالتالي لا يهتم بأي شيء.
ما هي أعراض الفصام؟
تنقسم أعراض الفصام إلى ثلاث فئات رئيسية:
- الأعراض الإيجابية (تتمثل في إضافة شيء إلى السلوك الطبيعي):
- الهلوسات: سماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة.
- الأوهام: معتقدات خاطئة وغير منطقية، مثل الشعور بأن هناك من يراقبه أو يتحكم فيه.
- التفكير غير المنظم: التحدث بطريقة غير مترابطة أو القفز بين الأفكار دون منطق واضح.
- السلوك غير المنتظم: تصرفات غريبة أو غير متوقعة، مثل حركات مفاجئة أو تصرفات غير ملائمة للموقف.
2. الأعراض السلبية (نقص في القدرات الطبيعية):
- الانسحاب الاجتماعي: تجنب التفاعل مع الآخرين.
- نقص التعبير العاطفي: قلة إظهار المشاعر أو ردود الفعل.
- فقدان الدافع: عدم القدرة على بدء المهام أو إنهائها.
- مشكلات في التحدث: التحدث بأسلوب مقتضب أو غير واضح.
3. الأعراض الإدراكية (تأثر القدرات العقلية):
- ضعف التركيز والانتباه.
- صعوبة في اتخاذ القرارات.
- ضعف الذاكرة والتفكير المنطقي.
لايزال السبب الدقيق للفصام غير معروف، ولكن يعتقد أنه مجموعة من العوامل الوراثية والبيئة والبيولوجية التي تساهم في تطور المرض، بما في ذلك
- الاستعداد الوراثي
- اختلال التوازن الكيميائي للدماغ
- المضاعفات أثناء الحمل
- صدمة أو إساءة معاملة الأطفال
- تعاطي المخدرات
وتجدر الإشارة إلى أن الفصام والإدمان قد يكونان متلازمين في بعض الحالات، حيث يلجأ بعض المصابين إلى تعاطي المواد المخدرة، مما قد يزيد من حدة الأعراض ويؤثر على فعالية العلاج.
هل تعاطي المخدرات يؤدي إلى الفصام؟
تعاطي المخدرات لا يسبب الفصام بشكل مباشر، لكنه قد يزيد من خطر الإصابة به أو يسرع ظهوره لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي أو عوامل بيئية محفزة. يرتبط الفصام والإدمان بعلاقة معقدة، حيث تؤثر بعض المواد المخدرة على كيمياء الدماغ، خاصة على الدوبامين، وهو ناقل عصبي مرتبط بالفصام، مما يجعل بعض المتعاطين أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب النفسي.
كما أكد الخبراء إلى أن تعاطي المواد المخدرة يصاحبه دائمًا مرض نفسي ومن هنا توضح لنا العلاقة بين الفصام والإدمان.
ما هو الإدمان؟
الإدمان هو حالة مرضية مزمنة تتمثل في عدم القدرة على التوقف عن تعاطي مادة معينة أو ممارسة سلوك معين، رغم العواقب السلبية التي يسببها. يؤثر الإدمان على الدماغ، خاصة المناطق المسؤولة عن المكافأة والتحفيز واتخاذ القرارات، مما يجعل الشخص يستمر في التعاطي أو السلوك القهري حتى لو كان مدمرًا لحياته.
كيف يؤثر إدمان المخدرات على الفصام؟
تحفيز ظهور المرض:
بعض المخدرات، مثل الحشيش، الأمفيتامينات، والكوكايين، تؤثر على كيمياء الدماغ، وخاصة على الدوبامين، مما قد يسرّع أو يحفّز ظهور الفصام لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة به.
الدراسات تشير إلى أن تعاطي الحشيش في سن مبكرة يزيد من خطر الإصابة بالفصام، خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي للمرض لتوضح لنا الصورة في العلاقة بين الفصام والإدمان.
زيادة شدة الأعراض:
المخدرات قد تزيد من تأثير الفصام على الدماغ، مما يجعل الأعراض أكثر حدة، مثل زيادة الهلوسات والأوهام.
الأمفيتامينات والكوكايين يمكن أن تؤدي إلى نوبات ذهانية تشبه أعراض الفصام.
التأثير على فعالية العلاج:
الإدمان قد يجعل المرضى أقل استجابة للأدوية المضادة للذهان.
بعض المخدرات قد تتداخل مع الأدوية، مما يقلل من فعاليتها أو يزيد من آثارها الجانبية.
زيادة خطر الانتكاس:
المدمنون الذين يعانون من الفصام يكونون أكثر عرضة للانتكاسات المتكررة، مما قد يؤدي إلى الحاجة لدخول المستشفى بشكل متكرر.
الإدمان يساهم في تدهور الأداء الاجتماعي والمهني، مما يزيد من العزلة الاجتماعية والتدهور النفسي.
كيف يتم علاج الفصام والإدمان؟
بعد فهم العلاقة بين الفصام والإدمان، يجب التعامل مع المرضين معًا لضمان نجاح العلاج ومنع الانتكاس. يعتمد العلاج على نهج متكامل يجمع بين العلاج الدوائي، النفسي، وإعادة التأهيل.
1. إزالة السموم وعلاج الإدمان
- إزالة السموم تحت إشراف طبي: يتم ذلك في مراكز متخصصة لضمان تخلص الجسم من المخدرات بأمان وتقليل أعراض الانسحاب.
- أدوية لعلاج الإدمان: مثل التي تستخدم في علاج إدمان الأفيونات، أو الأدوية التي تقلل من الرغبة في الكحول.
- العلاج السلوكي المعرفي: لمساعدة المريض على التعرف على العوامل التي تحفزه على التعاطي وتطوير استراتيجيات لمواجهتها.
2. العلاج الدوائي للفصام
استخدام مضادات الذهان للتحكم في الأعراض مثل الهلوسات والأوهام، حيث يتم وصف أدوية تساعد على تحسين الحالة المزاجية وتقليل التهيج.
3. العلاج النفسي والسلوكي
- العلاج السلوكي المعرفي: يساعد المريض على التعامل مع الأوهام والهلوسات، والتخلص من أنماط التفكير التي تشجعه على تعاطي المخدرات.
- العلاج الجماعي والدعم النفسي: مثل حضور مجموعات التعافي من الإدمان أو مجموعات دعم مرضى الفصام.
- جلسات العلاج الفردى: لمساعدة المريض في فهم دوافعه للإدمان وتطوير استراتيجيات بديلة للتعامل مع الضغوط النفسية وفهم العلاقة بين الفصام والإدمان.
4. إعادة التأهيل والمتابعة المستمرة
- الإقامة في مراكز إعادة التأهيل: توفر بيئة خالية من المخدرات تساعد المريض على التعافي.
- المتابعة الطبية المنتظمة: لمنع الانتكاس والتأكد من استقرار الحالة النفسية.
- الدعم الأسري والاجتماعي: حيث تلعب العائلة دورًا هامًا في تشجيع المريض على الالتزام بالعلاج وتجنب العوامل التي قد تؤدي إلى الانتكاس.
في الختام
يعد الفصام والإدمان من الاضطرابات المعقدة التي تؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية والسلوك اليومي، ويؤدي اجتماعهما معًا إلى زيادة التحديات التي يواجهها المريض وعائلته. يؤثر الإدمان على الدماغ بطرق تعزز أعراض الفصام، مما يجعل العلاج أكثر تعقيدًا ويزيد من خطر الانتكاس. لذا، فإن التشخيص المبكر، العلاج المتكامل، والدعم المستمر عوامل حاسمة في مساعدة المريض على التعافي وتحقيق حياة مستقرة. من الضروري رفع الوعي حول تأثير الإدمان على الفصام وتشجيع المصابين على طلب المساعدة الطبية، لأن التدخل المبكر يزيد من فرص النجاح في علاج الاضطربات الناتجة عن الفصام والإدمان، وزيادة فرص الاندماج مع المجتمع.
المصادر